هل ثبت حديث أن الصحابة رقصوا ويستدل بذلك على الرقص في حلَق الذِّكر ؟
صفحة 1 من اصل 1
هل ثبت حديث أن الصحابة رقصوا ويستدل بذلك على الرقص في حلَق الذِّكر ؟
هل ثبت حديث أن الصحابة رقصوا ويستدل بذلك على
الرقص في حلَق الذِّكر ؟
الرقص في حلَق الذِّكر ؟
السؤال : الكثير من
المتصوفة يتخذون هذا الحديث دليلاً لرقصهم ودروشتهم ويقولون : إن شيخ الاسلام ابن
تيمية وغيره قالوا بصحته ، هذا الحديث في " مسند أحمد " برقم ( 860 ) : قال علي رضي
الله عنه : زرت النبي صلى الله عليه وسلم مع جعفر وزيد بن حارثة ، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم لزيد : ( أنت مولاي ) فبدأ زيد يحجل ويقفز على رجل واحدة حول النبي
صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لجعفر : ( أما أنت فتشبهني في خَلقي وخُلقي ) فحجل
جعفر كذلك ، ثم قال لي : ( أنت مني وأنا منك ) فحجل خلف جعفر . فما تعيقكم على هذا
الحديث ؟ هل هو صحيح ؟ وهل يمكن للشخص أن يرقص ويقفز بهذا الشكل لإرضاء الله ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
الحديث الوارد في السؤال رواه أحمد ( 2 / 213 ) ، ولم يصححه شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله ، فيما نعلم من كتبه التي بين أيدينا ، أو كتب أصحابه . ثم متى
كان هؤلاء الصوفية ـ يا عباد الله ـ يقيمون وزناً لشيخ الإسلام ابن تيمية حتى
يقبلوا قوله في الحكم على الأحاديث .
ثانياً:
الحديث المذكور في السؤال فيه علتان :
الأولى : جهالة أحد رواته ، وهو " هانئ بن هانئ " .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة ، قال : وكان يتشيع ، وقال
ابن المديني : مجهول ، وقال حرملة عن الشافعي : هانئ ابن هانئ لا يُعرف وأهل العلم
بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حاله .
" تهذيب التهذيب " ( 11 / 22 ) .
والثانية : تدليس أبي إسحاق السبيعي .
قال أبو سعيد العلائي – رحمه الله - :
عمرو بن عبد الله السبيعي أبو إسحاق ، مشهور بالكنية ، تقدم أنه مكثر من
التدليس .
" جامع التحصيل في أحكام المراسيل " ( ص 245 ) .
والحديث ضعفه محققو مسند الإمام أحمد ( 2 / 213 ، 214 ) وقالوا :
إسناده ضعيف ، هانئ بن هانئ تقدم القول فيه ، ومثله لا يحتمل التفرد ،
ولفظ " الحجل " في الحديث منكر غريب .
انتهى
وللحديث طريق أخرى رواها ابن سعد في " الطبقات " (4 / 35 ، 36 ) عن جعفر
بن محمد عن أبيه قال : إن ابنة حمزة لتطوف بين الرجال ... فقام جعفر فحجل حول النبي
صلى الله عليه وسلم دار عليه فقال النبي عليه السلام : ( ما هذا ؟ ) قال : شيء رأيت
الحبشة يصنعونه بملوكهم .
والحديث ضعيف مرسل ، فمحمد الباقر بن علي زين العابدين لم يدرك أحداً
ممن ذُكر في الحديث من الصحابة رضي الله عنهم .
وقد حكم عليه بالإرسال : الزيلعي في كتابه " نصب الراية لأحاديث الهداية
" ( 3 / 268 ) ، والألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 3 / 256 ) .
ثالثاً:
الحديث رواه البخاري في صحيحه - ( 2552 ) – وليس فيه تلك اللفظة المنكرة
التي استدل بها الصوفية على رقصهم .
ونص روايته :
" ... فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ فَقَالَ عَلِيٌّ
: أَنَا أَحَقُّ بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي ، وَقَالَ جَعْفَرٌ : ابْنَةُ عَمِّي
وَخَالَتُهَا تَحْتِي ، وَقَالَ زَيْدٌ : ابْنَةُ أَخِي ، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا وَقَالَ : ( الْخَالَةُ
بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ) وَقَالَ لِعَلِيٍّ : ( أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ )
وَقَالَ لِجَعْفَرٍ : ( أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي ) وَقَالَ لِزَيْدٍ : (
أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا ) .
انتهى
رابعاً:
على فرض صحة الحديث فليس فيه أنهم رقصوا في حلقة ذِكر لربهم – حاشاهم -
، وإنما فيه أنهم عبَّروا عن فرحهم بثناء النبي صلى الله عليه وسلم بقفزة على رِجل
واحدة ، وهو فعل مباح في نفسه ، وإنما الحكم عليه يكون تبعاً لسبب فرحهم ، وحاشا
أحداً من العقلاء أن يستدل به على رقص أثناء ذِكره لربه تعالى .
قال البيهقي – رحمه الله - :
وفى هذا - إن صح ! - دلالة على جواز الحجَل ، وهو أن يرفع رجلاً ويقفز
على الأخرى من الفرح ، فالرقص الذي يكون على مثاله يكون مثله في الجواز ، والله
أعلم .
" السنن الكبرى " للبيهقي ( 10 / 226 ) .
وقال الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي رحمه الله ، في بيان احتجاج
المتصوفة ونحوهم بهذا الحديث على جواز الرقص :
" وتمسكوا أيضا بأنه قال لعلي : ( أنت مني وأنا منك ) ، فحجل . وقال
لزيد : ( أنت أخونا ومولانا ) فحجل ... "
قال ابن حجر :
" والجواب : أن هذه كلها أحاديث منكرة ، وألفاظ موضوعة مزورة . ولو سلمت
صحتها لم تتحقق حجتها ؛ أي : لأن المحرم هو الرقص الذي فيه تثن وتكسر، وهذا ليس
كذلك ". انتهى.
"كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع" (75) .
خامساً :
صرح غير واحد من فقهاء المذاهب رحمهم الله ببدعية ذلك العمل وضلاله ، إن
فعل دينا ، وذمه وتسفيه صاحبه إن فعل عادة ولهوا .
سُئل الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي – رحمه الله - :
ما تقول السادة الفقهاء - أحسن الله توفيقهم - فيمن يسمع الدف والشبانة
والغناء ويتواجد ، حتى إنه يرقص ، هل يحل ذلك أم لا ؟ مع اعتقاده أنه محب لله وأن
سماعه وتواجده ورقصه في الله ؟! أفتونا مأجورين ، رحمكم الله .
فقال :
الجواب وبالله التوفيق :
إن فاعل هذا مخطئ ، ساقط المروءة ، والدائم على هذا الفعل : مردود
الشهادة في الشرع ، غير مقبول القول ، ومقتضى هذا : أنه لا تُقبل روايته لحديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شهادته برؤية هلال رمضان ، ولا أخباره الدينية .
وأما اعتقاده محبة الله : فإنه يمكن أن يكون محبّاً لله سبحانه ، مطيعًا
له ، في غير هذا ، ويجوز أن يكون له معاملة مع الله سبحانه ، وأعمال صالحة في غير
هذا المقام .
وأما هذا : فمعصية ولعب ، ذمَّه الله تعالى ورسوله ، وكرهه أهل العلم ،
وسموه بدعة ، ونهوا عن فعله ، ولا يُتقرب إلى الله سبحانه بمعاصيه ، ولا يُطاع
بارتكاب مناهيه ، ومَن جعل وسيلته الى الله سبحانه معصيته : كان حظه الطرد والإبعاد
، ومن اتخذ اللهو واللعب دينًا : كان كمن سعى في الأرض الفساد ، ومن طلب الوصول إلى
الله سبحانه من غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنَّته : فهو بعيد من
الوصول إلى المراد .
" جزء فيه فتيا فى ذم الشبَّابة والرقص والسماع " لابن قدامة ، مخطوط (
ورقة 2 ) .
وقال الإمام العز ابن عبد السلام ، الفقيه والأصولي الشافعي الكبير ،
رحمه الله :
" وأما الرقص والتصفيق : فخِفَّة ورعونة مشبهة لرعونة الإناث ، لا
يفعلها إلا راعن أو متصنع كذاب ؛ وكيف يتأتى الرقص المتزن بأوزان الغناء ممن طاش
لبه وذهب قلبه ، وقد قال عليه السلام : ( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين
يلونهم ) ، ولم يكن أحد من هؤلاء الذين يُقتدى بهم يفعل شيئا من ذلك ، وإنما استحوذ
الشيطان على قوم يظنون أن طربهم عند السماع إنما هو متعلق بالله عز وجل ، ولقد
مانوا [ أي : كذبوا ] فيما قالوا ، وكذبوا فيما ادعوا ؛ من جهة أنهم عند سماع
المطربات وجدوا لذتين اثنتين : إحداهما لذة المعارف والأحوال المتعلقة بذي الجلال ،
والثانية : لذة الأصوات والنغمات والكلمات الموزونات الموجبات للذات النفس التي
ليست من الدين ولا متعلقة بأمور الدين ؛ فلما عظمت عندهم اللذتان غلطوا فظنوا أن
مجموع اللذة إنما حصل بالمعارف والأحوال ، وليس كذلك بل الأغلب عليهم حصول لذات
النفوس التي ليست من الدين بشيء . وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله عليه السلام :
( إنما التصفيق للنساء ) ، ولعن عليه السلام المتشبهات من النساء بالرجال ،
والمتشبهين من الرجال بالنساء .
ومن هاب الإله وأدرك شيئا من تعظيمه لم يتصور منه رقص ولا تصفيق ، ولا
يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل ، ولا يصدران من عاقل فاضل .
ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة ، ولم
يفعل ذلك أحد الأنبياء ، ولا معتبر من أتباع الأنبياء ، وإنما يفعل ذلك الجهلة
السفهاء ، الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء .
وقد قال تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ
شَيْءٍ } ، وقد مضى السلف ، وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئا من ذلك ، ومن فعل ذلك أو
اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه ، وليس بقربة إلى ربه : فإن كان ممن يُقْتدى به ،
ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة : فبئس ما صنع ، لإيهامه أن هذا من الطاعات ،
وإنما هو من أقبح الرعونات " انتهى .
" قواعد الأحكام في مصالح الأنام " (2/349-350) ط مؤسسة الريان .
وسُئل علما اللجنة الدائمة :
عن حكم الإسلام فيمن يذكرون الله وهم يتمايلون يمينًا وشمالًا في حالة
قفز ، وفي جماعة ، وفي صوت عالٍ ؟ .
فأجابوا :
لا يجوز ؛ لأنه بهذه الكيفية بدعة محدثة ، وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن
غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 529 ) .
فالخلاصة :
أن الحديث الوارد في السؤال ضعيف لا يصح ، والشاهد المذكور لا يصلح
لتحسينه ؛ لوجود راوٍ مجهول في الحديث الأول ، وأن شيخ الإسلام ابن تيمية لم يصححه
، وأنه لو صحَّ فليس فيه دليل على الرقص في العبادة ، بل فعل ذلك بدعة منكرة قبيحة
لا يليق بعاقل أن ينسبها لدين الله تعالى .
والله أعلم
موقع الإسلام سؤال وجواب
المتصوفة يتخذون هذا الحديث دليلاً لرقصهم ودروشتهم ويقولون : إن شيخ الاسلام ابن
تيمية وغيره قالوا بصحته ، هذا الحديث في " مسند أحمد " برقم ( 860 ) : قال علي رضي
الله عنه : زرت النبي صلى الله عليه وسلم مع جعفر وزيد بن حارثة ، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم لزيد : ( أنت مولاي ) فبدأ زيد يحجل ويقفز على رجل واحدة حول النبي
صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لجعفر : ( أما أنت فتشبهني في خَلقي وخُلقي ) فحجل
جعفر كذلك ، ثم قال لي : ( أنت مني وأنا منك ) فحجل خلف جعفر . فما تعيقكم على هذا
الحديث ؟ هل هو صحيح ؟ وهل يمكن للشخص أن يرقص ويقفز بهذا الشكل لإرضاء الله ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
الحديث الوارد في السؤال رواه أحمد ( 2 / 213 ) ، ولم يصححه شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله ، فيما نعلم من كتبه التي بين أيدينا ، أو كتب أصحابه . ثم متى
كان هؤلاء الصوفية ـ يا عباد الله ـ يقيمون وزناً لشيخ الإسلام ابن تيمية حتى
يقبلوا قوله في الحكم على الأحاديث .
ثانياً:
الحديث المذكور في السؤال فيه علتان :
الأولى : جهالة أحد رواته ، وهو " هانئ بن هانئ " .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة ، قال : وكان يتشيع ، وقال
ابن المديني : مجهول ، وقال حرملة عن الشافعي : هانئ ابن هانئ لا يُعرف وأهل العلم
بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حاله .
" تهذيب التهذيب " ( 11 / 22 ) .
والثانية : تدليس أبي إسحاق السبيعي .
قال أبو سعيد العلائي – رحمه الله - :
عمرو بن عبد الله السبيعي أبو إسحاق ، مشهور بالكنية ، تقدم أنه مكثر من
التدليس .
" جامع التحصيل في أحكام المراسيل " ( ص 245 ) .
والحديث ضعفه محققو مسند الإمام أحمد ( 2 / 213 ، 214 ) وقالوا :
إسناده ضعيف ، هانئ بن هانئ تقدم القول فيه ، ومثله لا يحتمل التفرد ،
ولفظ " الحجل " في الحديث منكر غريب .
انتهى
وللحديث طريق أخرى رواها ابن سعد في " الطبقات " (4 / 35 ، 36 ) عن جعفر
بن محمد عن أبيه قال : إن ابنة حمزة لتطوف بين الرجال ... فقام جعفر فحجل حول النبي
صلى الله عليه وسلم دار عليه فقال النبي عليه السلام : ( ما هذا ؟ ) قال : شيء رأيت
الحبشة يصنعونه بملوكهم .
والحديث ضعيف مرسل ، فمحمد الباقر بن علي زين العابدين لم يدرك أحداً
ممن ذُكر في الحديث من الصحابة رضي الله عنهم .
وقد حكم عليه بالإرسال : الزيلعي في كتابه " نصب الراية لأحاديث الهداية
" ( 3 / 268 ) ، والألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 3 / 256 ) .
ثالثاً:
الحديث رواه البخاري في صحيحه - ( 2552 ) – وليس فيه تلك اللفظة المنكرة
التي استدل بها الصوفية على رقصهم .
ونص روايته :
" ... فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ فَقَالَ عَلِيٌّ
: أَنَا أَحَقُّ بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي ، وَقَالَ جَعْفَرٌ : ابْنَةُ عَمِّي
وَخَالَتُهَا تَحْتِي ، وَقَالَ زَيْدٌ : ابْنَةُ أَخِي ، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا وَقَالَ : ( الْخَالَةُ
بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ) وَقَالَ لِعَلِيٍّ : ( أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ )
وَقَالَ لِجَعْفَرٍ : ( أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي ) وَقَالَ لِزَيْدٍ : (
أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا ) .
انتهى
رابعاً:
على فرض صحة الحديث فليس فيه أنهم رقصوا في حلقة ذِكر لربهم – حاشاهم -
، وإنما فيه أنهم عبَّروا عن فرحهم بثناء النبي صلى الله عليه وسلم بقفزة على رِجل
واحدة ، وهو فعل مباح في نفسه ، وإنما الحكم عليه يكون تبعاً لسبب فرحهم ، وحاشا
أحداً من العقلاء أن يستدل به على رقص أثناء ذِكره لربه تعالى .
قال البيهقي – رحمه الله - :
وفى هذا - إن صح ! - دلالة على جواز الحجَل ، وهو أن يرفع رجلاً ويقفز
على الأخرى من الفرح ، فالرقص الذي يكون على مثاله يكون مثله في الجواز ، والله
أعلم .
" السنن الكبرى " للبيهقي ( 10 / 226 ) .
وقال الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي رحمه الله ، في بيان احتجاج
المتصوفة ونحوهم بهذا الحديث على جواز الرقص :
" وتمسكوا أيضا بأنه قال لعلي : ( أنت مني وأنا منك ) ، فحجل . وقال
لزيد : ( أنت أخونا ومولانا ) فحجل ... "
قال ابن حجر :
" والجواب : أن هذه كلها أحاديث منكرة ، وألفاظ موضوعة مزورة . ولو سلمت
صحتها لم تتحقق حجتها ؛ أي : لأن المحرم هو الرقص الذي فيه تثن وتكسر، وهذا ليس
كذلك ". انتهى.
"كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع" (75) .
خامساً :
صرح غير واحد من فقهاء المذاهب رحمهم الله ببدعية ذلك العمل وضلاله ، إن
فعل دينا ، وذمه وتسفيه صاحبه إن فعل عادة ولهوا .
سُئل الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي – رحمه الله - :
ما تقول السادة الفقهاء - أحسن الله توفيقهم - فيمن يسمع الدف والشبانة
والغناء ويتواجد ، حتى إنه يرقص ، هل يحل ذلك أم لا ؟ مع اعتقاده أنه محب لله وأن
سماعه وتواجده ورقصه في الله ؟! أفتونا مأجورين ، رحمكم الله .
فقال :
الجواب وبالله التوفيق :
إن فاعل هذا مخطئ ، ساقط المروءة ، والدائم على هذا الفعل : مردود
الشهادة في الشرع ، غير مقبول القول ، ومقتضى هذا : أنه لا تُقبل روايته لحديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شهادته برؤية هلال رمضان ، ولا أخباره الدينية .
وأما اعتقاده محبة الله : فإنه يمكن أن يكون محبّاً لله سبحانه ، مطيعًا
له ، في غير هذا ، ويجوز أن يكون له معاملة مع الله سبحانه ، وأعمال صالحة في غير
هذا المقام .
وأما هذا : فمعصية ولعب ، ذمَّه الله تعالى ورسوله ، وكرهه أهل العلم ،
وسموه بدعة ، ونهوا عن فعله ، ولا يُتقرب إلى الله سبحانه بمعاصيه ، ولا يُطاع
بارتكاب مناهيه ، ومَن جعل وسيلته الى الله سبحانه معصيته : كان حظه الطرد والإبعاد
، ومن اتخذ اللهو واللعب دينًا : كان كمن سعى في الأرض الفساد ، ومن طلب الوصول إلى
الله سبحانه من غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنَّته : فهو بعيد من
الوصول إلى المراد .
" جزء فيه فتيا فى ذم الشبَّابة والرقص والسماع " لابن قدامة ، مخطوط (
ورقة 2 ) .
وقال الإمام العز ابن عبد السلام ، الفقيه والأصولي الشافعي الكبير ،
رحمه الله :
" وأما الرقص والتصفيق : فخِفَّة ورعونة مشبهة لرعونة الإناث ، لا
يفعلها إلا راعن أو متصنع كذاب ؛ وكيف يتأتى الرقص المتزن بأوزان الغناء ممن طاش
لبه وذهب قلبه ، وقد قال عليه السلام : ( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين
يلونهم ) ، ولم يكن أحد من هؤلاء الذين يُقتدى بهم يفعل شيئا من ذلك ، وإنما استحوذ
الشيطان على قوم يظنون أن طربهم عند السماع إنما هو متعلق بالله عز وجل ، ولقد
مانوا [ أي : كذبوا ] فيما قالوا ، وكذبوا فيما ادعوا ؛ من جهة أنهم عند سماع
المطربات وجدوا لذتين اثنتين : إحداهما لذة المعارف والأحوال المتعلقة بذي الجلال ،
والثانية : لذة الأصوات والنغمات والكلمات الموزونات الموجبات للذات النفس التي
ليست من الدين ولا متعلقة بأمور الدين ؛ فلما عظمت عندهم اللذتان غلطوا فظنوا أن
مجموع اللذة إنما حصل بالمعارف والأحوال ، وليس كذلك بل الأغلب عليهم حصول لذات
النفوس التي ليست من الدين بشيء . وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله عليه السلام :
( إنما التصفيق للنساء ) ، ولعن عليه السلام المتشبهات من النساء بالرجال ،
والمتشبهين من الرجال بالنساء .
ومن هاب الإله وأدرك شيئا من تعظيمه لم يتصور منه رقص ولا تصفيق ، ولا
يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل ، ولا يصدران من عاقل فاضل .
ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة ، ولم
يفعل ذلك أحد الأنبياء ، ولا معتبر من أتباع الأنبياء ، وإنما يفعل ذلك الجهلة
السفهاء ، الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء .
وقد قال تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ
شَيْءٍ } ، وقد مضى السلف ، وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئا من ذلك ، ومن فعل ذلك أو
اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه ، وليس بقربة إلى ربه : فإن كان ممن يُقْتدى به ،
ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة : فبئس ما صنع ، لإيهامه أن هذا من الطاعات ،
وإنما هو من أقبح الرعونات " انتهى .
" قواعد الأحكام في مصالح الأنام " (2/349-350) ط مؤسسة الريان .
وسُئل علما اللجنة الدائمة :
عن حكم الإسلام فيمن يذكرون الله وهم يتمايلون يمينًا وشمالًا في حالة
قفز ، وفي جماعة ، وفي صوت عالٍ ؟ .
فأجابوا :
لا يجوز ؛ لأنه بهذه الكيفية بدعة محدثة ، وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن
غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 529 ) .
فالخلاصة :
أن الحديث الوارد في السؤال ضعيف لا يصح ، والشاهد المذكور لا يصلح
لتحسينه ؛ لوجود راوٍ مجهول في الحديث الأول ، وأن شيخ الإسلام ابن تيمية لم يصححه
، وأنه لو صحَّ فليس فيه دليل على الرقص في العبادة ، بل فعل ذلك بدعة منكرة قبيحة
لا يليق بعاقل أن ينسبها لدين الله تعالى .
والله أعلم
موقع الإسلام سؤال وجواب
hicham
مسؤول ادارة المنتدى
مصمم خاص للمنتدى-
عدد المساهمات : 728
نقاط : 10435
تاريخ التسجيل : 25/01/2009
الموقع : www.alokab.alafdal.net
مواضيع مماثلة
» معرفة الصحابة/2
» يزعمون أنّ حديث (لعن الله المصفر ولو كان راعيا) حديث صحيح فما قول فضيلتكم ؟
» حديث طوبى للشام حديث صحيح
» قال لزوجته " إن كنت تقصدين والدي بهذا الكلام فأنت لا تلزميني " فهل يقع الطلاق بذلك
» معرفة الصحابة
» يزعمون أنّ حديث (لعن الله المصفر ولو كان راعيا) حديث صحيح فما قول فضيلتكم ؟
» حديث طوبى للشام حديث صحيح
» قال لزوجته " إن كنت تقصدين والدي بهذا الكلام فأنت لا تلزميني " فهل يقع الطلاق بذلك
» معرفة الصحابة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى