صفات المسلم
صفحة 1 من اصل 1
صفات المسلم
حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر وإسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه
قال أبو عبد الله وقال أبو معاوية حدثنا داود هو ابن أبي هند عن عامر قال سمعت عبد الله يعني ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال عبد الأعلى عن داود عن عامر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( أَبِي إِيَاس )
اِسْمه نَاهِيَة بِالنُّونِ وَبَيْن الْهَاءَيْنِ يَاء أَخِيرَة . وَقِيلَ اِسْمه عَبْد الرَّحْمَن .
قَوْله : ( أَبِي السَّفَر )
اِسْمه سَعِيد بْن يَحْمَد كَمَا تَقَدَّمَ , وَإِسْمَاعِيل مَجْرُور بِالْفَتْحَةِ عَطْفًا عَلَيْهِ , وَالتَّقْدِير كِلَاهُمَا عَنْ الشَّعْبِيّ . وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو هُوَ اِبْن الْعَاصِ صَحَابِيّ اِبْن صَحَابِيّ .
قَوْله : ( الْمُسْلِم )
قِيلَ الْأَلِف وَاللَّام فِيهِ لِلْكَمَالِ نَحْو زَيْد الرَّجُل أَيْ : الْكَامِل فِي الرُّجُولِيَّة . وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِم أَنَّ مَنْ اِتَّصَفَ بِهَذَا خَاصَّة كَانَ كَامِلًا . وَيُجَاب بِأَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ مُرَاعَاة بَاقِي الْأَرْكَان , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد أَفْضَل الْمُسْلِمِينَ مَنْ جَمَعَ إِلَى أَدَاء حُقُوق اللَّه تَعَالَى أَدَاء حُقُوق الْمُسْلِمِينَ . اِنْتَهَى . وَإِثْبَات اِسْم الشَّيْء عَلَى مَعْنَى إِثْبَات الْكَمَال لَهُ مُسْتَفِيض فِي كَلَامهمْ , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِذَلِكَ أَنْ يُبَيِّن عَلَامَة الْمُسْلِم الَّتِي يُسْتَدَلّ بِهَا عَلَى إِسْلَامه وَهِيَ سَلَامَة الْمُسْلِمِينَ مِنْ لِسَانه وَيَده , كَمَا ذُكِرَ مِثْله فِي عَلَامَة الْمُنَافِق . وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِذَلِكَ الْإِشَارَة إِلَى الْحَثّ عَلَى حُسْن مُعَامَلَة الْعَبْد مَعَ رَبّه لِأَنَّهُ إِذَا أَحْسَنَ مُعَامَلَة إِخْوَانه فَأَوْلَى أَنْ يُحْسِن مُعَامَلَة رَبّه , مِنْ بَاب التَّنْبِيه بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى .
( تَنْبِيه ) :
ذِكْر الْمُسْلِمِينَ هُنَا خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب ; لِأَنَّ مُحَافَظَة الْمُسْلِم عَلَى كَفّ الْأَذَى عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِم أَشَدّ تَأْكِيدًا ; وَلِأَنَّ الْكُفَّار بِصَدَدِ أَنْ يُقَاتِلُوا وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُحِبّ الْكَفّ عَنْهُ . وَالْإِتْيَان بِجَمْعِ التَّذْكِير لِلتَّغْلِيبِ , فَإِنَّ الْمُسْلِمَات يَدْخُلْنَ فِي ذَلِكَ . وَخَصَّ اللِّسَان بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ الْمُعَبِّر عَمَّا فِي النَّفْس , وَهَكَذَا الْيَد لِأَنَّ أَكْثَر الْأَفْعَال بِهَا , وَالْحَدِيث عَامّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللِّسَان دُون الْيَد ; لِأَنَّ اللِّسَان يُمْكِنهُ الْقَوْل فِي الْمَاضِينَ وَالْمَوْجُودِينَ وَالْحَادِثِينَ بَعْد , بِخِلَافِ الْيَد , نَعَمْ يُمْكِن أَنْ تُشَارِك اللِّسَان فِي ذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ , وَإِنَّ أَثَرهَا فِي ذَلِكَ لَعَظِيم . وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ شَرْعًا تَعَاطِي الضَّرْب بِالْيَدِ فِي إِقَامَة الْحُدُود وَالتَّعَازِيرِ عَلَى الْمُسْلِم الْمُسْتَحِقّ لِذَلِكَ . وَفِي التَّعْبِير بِاللِّسَانِ دُون الْقَوْل نُكْتَة , فَيَدْخُل فِيهِ مَنْ أَخْرَجَ لِسَانه عَلَى سَبِيل الِاسْتِهْزَاء . وَفِي ذِكْر الْيَد دُون غَيْرهَا مِنْ الْجَوَارِح نُكْتَة , فَيَدْخُل فِيهَا الْيَد الْمَعْنَوِيَّة كَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى حَقّ الْغَيْر بِغَيْرِ حَقّ .
( فَائِدَة ) :
فِيهِ مِنْ أَنْوَاع الْبَدِيع تَجْنِيس الِاشْتِقَاق , وَهُوَ كَثِير .
قَوْله : ( وَالْمُهَاجِر )
هُوَ مَعْنَى الْهَاجِر , وَإِنْ كَانَ لَفْظ الْمُفَاعِل يَقْتَضِي وُقُوع فِعْل مِنْ اِثْنَيْنِ ; لَكِنَّهُ هُنَا لِلْوَاحِدِ كَالْمُسَافِرِ . وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون عَلَى بَابه لِأَنَّ مِنْ لَازِم كَوْنه هَاجِرًا وَطَنه مَثَلًا أَنَّهُ مَهْجُور مِنْ وَطَنه , وَهَذِهِ الْهِجْرَة ضَرْبَانِ : ظَاهِرَة وَبَاطِنَة . فَالْبَاطِنَة تَرْك مَا تَدْعُو إِلَيْهِ النَّفْس الْأَمَّارَة بِالسُّوءِ وَالشَّيْطَان , وَالظَّاهِرَة الْفِرَار بِالدِّينِ مِنْ الْفِتَن . وَكَأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ خُوطِبُوا بِذَلِكَ لِئَلَّا يَتَّكِلُوا عَلَى مُجَرَّد التَّحَوُّل مِنْ دَارهمْ حَتَّى يَمْتَثِلُوا أَوَامِر الشَّرْع وَنَوَاهِيه , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ قِيلَ بَعْد اِنْقِطَاع الْهِجْرَة لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّة تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ , بَلْ حَقِيقَة الْهِجْرَة تَحْصُل لِمَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ , فَاشْتَمَلَتْ هَاتَانِ الْجُمْلَتَانِ عَلَى جَوَامِع مِنْ مَعَانِي الْحِكَم وَالْأَحْكَام .
( تَنْبِيه ) :
هَذَا الْحَدِيث مِنْ أَفْرَاد الْبُخَارِيّ عَنْ مُسْلِم , بِخِلَافِ جَمِيع مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيث الْمَرْفُوعَة . عَلَى أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ مَعْنَاهُ مِنْ وَجْه آخَر , وَزَادَ اِبْن حِبَّانَ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك مِنْ حَدِيث أَنَس صَحِيحًا " الْمُؤْمِن مَنْ أَمِنَهُ النَّاس " وَكَأَنَّهُ اِخْتَصَرَهُ هُنَا لِتَضَمُّنِهِ لِمَعْنَاهُ . وَاَللَّه أَعْلَم .
قَوْله : ( وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَة حَدَّثَنَا دَاوُد )
هُوَ اِبْن أَبِي هِنْد , وَكَذَا فِي رِوَايَة اِبْن عَسَاكِر عَنْ عَامِر وَهُوَ الشَّعْبِيّ الْمَذْكُور فِي الْإِسْنَاد الْمَوْصُول . وَأَرَادَ بِهَذَا التَّعْلِيق بَيَان سَمَاعه لَهُ مِنْ الصَّحَابِيّ , وَالنُّكْتَة فِيهِ رِوَايَة وُهَيْب بْن خَالِد لَهُ عَنْ دَاوُدَ عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ رَجُل عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , حَكَاهُ اِبْن مَنْدَهْ , فَعَلَى هَذَا لَعَلَّ الشَّعْبِيّ بَلَغَهُ ذَلِكَ عَنْ عَبْد اللَّه , ثُمَّ لَقِيَهُ فَسَمِعَهُ مِنْهُ . وَنَبَّهَ بِالتَّعْلِيقِ الْآخَر عَلَى أَنَّ عَبْد اللَّه الَّذِي أُهْمِلَ فِي رِوَايَته هُوَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو الَّذِي بُيِّنَ فِي رِوَايَة رَفِيقه , وَالتَّعْلِيق عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة وَصَلَهُ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَده عَنْهُ , وَأَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّانَ فِي صَحِيحه مِنْ طَرِيقه وَلَفْظه " سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَقُول : وَرَبّ هَذِهِ الْبَنِيَّة لَسَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : الْمُهَاجِر مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَات , وَالْمُسْلِم مَنْ سَلِمَ النَّاس مِنْ لِسَانه وَيَده " فَعُلِمَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إِلَّا أَصْل الْحَدِيث . وَالْمُرَاد بِالنَّاسِ هُنَا الْمُسْلِمُونَ كَمَا فِي الْحَدِيث الْمَوْصُول , فَهُمْ النَّاس حَقِيقَة عِنْد الْإِطْلَاق ; لِأَنَّ الْإِطْلَاق يُحْمَل عَلَى الْكَامِل , وَلَا كَمَال فِي غَيْر الْمُسْلِمِينَ . وَيُمْكِن حَمْله عَلَى عُمُومه عَلَى إِرَادَة شَرْط وَهُوَ إِلَّا بِحَقٍّ , مَعَ أَنَّ إِرَادَة هَذَا الشَّرْط مُتَعَيِّنَة عَلَى كُلّ حَال , لِمَا قَدَّمْته مِنْ اِسْتِثْنَاء إِقَامَة الْحُدُود عَلَى الْمُسْلِم . وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم .
alokab
مشرف منتدى قضايا آدم-
عدد المساهمات : 141
نقاط : 5839
تاريخ التسجيل : 20/11/2009
مواضيع مماثلة
» صفات الحور العين من الكتاب والسنة
» إثبات صفات الله على الحقيقة ، لا على المجاز
» ماهي صفات المهدي المميِّزة له عن غيره ؟
» بيع المسلم فيه والمستصنع قبل قبضه
» اخي المسلم تعرف على الفرقة الناجية!
» إثبات صفات الله على الحقيقة ، لا على المجاز
» ماهي صفات المهدي المميِّزة له عن غيره ؟
» بيع المسلم فيه والمستصنع قبل قبضه
» اخي المسلم تعرف على الفرقة الناجية!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى