العقاب
أصول التصحيح والتضعيف 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا أصول التصحيح والتضعيف 829894
ادارة المنتدي أصول التصحيح والتضعيف 103798


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

العقاب
أصول التصحيح والتضعيف 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا أصول التصحيح والتضعيف 829894
ادارة المنتدي أصول التصحيح والتضعيف 103798
العقاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أصول التصحيح والتضعيف

اذهب الى الأسفل

أصول التصحيح والتضعيف Empty أصول التصحيح والتضعيف

مُساهمة من طرف hicham الثلاثاء يناير 05 2010, 17:13

[center]
بسم الله الرحمن الرحيم

هذا بحث قيم أعدّه الأستاذ د. عبدالغني بن أحمد جبر مزهر ، وكما يقول في مقدمته :" فهذا بحث في موضوع من أهم موضوعات علم الحديث، وهو ما يتعلق بتصحيح الحديث أو تحسينه أو تضعيفه، متى يكون ذلك حقاً، ومتى يكون باطلاً، ومتى يسلك فيه المصحح أو المضعف الجادة وفق القواعد والضوابط العلمية ومتى ينحرف عن ذلك فيطيش قلمه، وتزل قدمه، ويُرد عليه قوله.
ولم أجد للعلماء في هذا الموضوع مصنفاً مستقلاً مرتباً، ومفصلاً لمسالك في هذا الشأن، لذا فقد بذلت الجهد في تتبع أقوال أئمة هذا الشأن، من كتب علوم الحديث، وكتب الرجال وشروح الحديث وغيرها. واستخلصت من ذلك كثيراً من القواعد الهامة التي تلزم معرفتها لمن توخّى الحق، وعدم الوقوع في الخطأ والزلل، لتكون معياراً لتصحيح وتحسين وتضعيف الأخبار، ورددت بعض الأمور التي يعدها بعض من لا علم عنده قواعد للتصحيح أو التضعيف كالكشف والذوق وموافقة الحديث لعقله أو عدم موافقته إلى غير ذلك "

اسأل الله أن ينفع به

أصول التصحيح والتضعيف
التصحيح والتضعيف نوع الإجتهاد قائم على البحث والنظر، واستقصاء أقوال الأئمة، والتوفيق بين المتعارض منها وترجيح الراجح، ومعرفة المتابعات والشواهد، والنظر في العلل وغير ذلك.
ومثل هذا يجب أن يكون من يتصدى له على جانب من العلم والمعرفة والإطلاع على أنواع من العلوم، كقواعد الجرح والتعديل وما يتعلق بذلك، ومعرفة أحوال الرواة، واصطلاحات المحدثين، وألفاظهم، ومسالكهم في الحكم على الرواة والأحاديث، والعلم بطرق التخريج، ودراسة الأسانيد، وكيفية النظر في العلل مع الإلمام بأصول الفقه وخاصة ما يتعلق بالتعارض والترجيح ونحوه.
ومن الأمور التي توجب الإمعان والتحري في أحوال الرواة، وعدم المسارعة إلى تصحيح حديثهم أو تحسينه أو تضعيفه، ما يلي:
1- قد يوصف الثقة بأنه يغرب أو يهم، أو يخطيء في أحاديث أو لا يتابع على بعض حديثه .
2- قد يحتج بالراوي في جانب من جوانب العلم دون الآخر كالاحتجاج به في المغازي أو القراءات ونحوها دون الحديث.
قال ابن معين في زياد بن عبدالله البكائي:
"لا بأس به في المغازي، وأما في غيره فلا".
وقال صالح جزرة:
"هو على ضعفه أثبتهم في المغازي" .
3- ربما وصفوا الراوي بأنه ثقة لكنه يرسل أو أرسل عن فلان وفلان، فحديثه عنهما ليس متصلاً.
4- قد يطلقون المنكر على الحديث الفرد، ولو كان راويه مقبولاً، وهذا اصطلاح لبعض المتقدمين من المحدثين كأحمد والنسائي، وعليه بعض المتأخرين عنهم كالبرديجي (م301هـ) فليس كل حديث يقال فيه: منكر، يعد مردوداً حتى يعلم اصطلاح من وصفه بذلك.
قال ابن حجر في سياق شرحه لحديث أنس رضي الله عنه:
"كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله أصبت حداً فأقمه عليّ" (الحديث).
عمرو بن عاصم هو الكلابي وهو من شيوخ البخاري أخرج عنه بغير واسطة في الأدب وغيره، وقد طعن الحافظ أبو بكر البردجي – في الأصل البرزنجي وهو خطأ – في صحة هذ الخبر مع كون الشيخين اتفقا عليه فقال: هو منكر وهم فيه عمرو بن عاصم، مع أن هماماً – أي ابن يحيى – كان يحيى بن سعيد لا يرضاه ويقول: أبان العطار أمثل منه.
قلت – القائل ابن حجر – لم يبين وجه الوهم، وأما إطلاق كونه منكراً فعلى طريقته في تسمية ما ينفرد به الراوي منكراً إذا لم يكن له متابع . أهـ. هذا وغيره من الأمور الواردة على حديث الثقة، وعلى حديث الضعيف المتكلم فيه تجعلنا نستغرب أشد الاستغراب تسرّع بعض طلبة العلم في الحكم على الحديث لمجرد نظره لترجمة الراوي في كتاب التقريب أو الكاشف دون الرجوع إلى المطولات التي بسطت الكلام في ترجمته ودون تتبع لأقوال الأئمة فيه جرحاً وتعديلاً.

وقد ذكر الشيخ عبدالرحمن المعلمي أموراً هامة إضافة إلى ما تقدم لابد من مراعاتها قبل الحكم على الراوي، ليكون الحكم على حديثه صواباً وتتلخص هذه القواعد فيما يلي:
1- إذا وجدت في ترجمة الراوي ((وثَّقه فلان)) أو ((ضعفه فلان)) أو ((كذبه فلان)) فلتبحث عن عبارته فقد تكون نقلت عنه بالمعنى، ولم يذكر ذلك في الراوي نصاً.
2- تراجع لذلك عدة كتب فإن وجدت اختلافاً بينها بحثت عن العبارة الأصلية.
3- ينبغي تأمل عبارة المزكي ومخارجها، ومناسبة ذكرها، فربما سئل المحدث عن رجل فيحكم عليه بحسب ما عرف من مجموع حاله، ثم يسمع له حديثاً فيحكم عليه حكماً مناسباً لحاله في ذلك الحديث، ثم يسمع له حديثاً فيعطيه حكماً آخر.
4- ربما يجرح أحدهم الراوي لحديث واحد يستنكر له.
5- لابد من التوثق والبحث عن رأي كل إمام من أئمة الجرح والتعديل واصطلاحه مستعيناً على ذلك بتتبع كلامه في الرواة، واختلاف الرواية عنه في بعضهم مع مقارنة كلامه بكلام غيره.
وقد اختلف كلام ابن معين مثلاً في جماعة يوثق أحدهم تارة، ويضعفه أخرى، وهذا يشعر بأنه ربما كان يطلق كلمة ((ثقة)) لا يريد بها أكثر من أن الراوي لا يتعمد الكذب، وقد يطلق كلمة ((ليس بثقة)) على معنى أن الراوي ليس بحيث يقال فيه ثقة على المعنى المشهور لكلمة ثقة . وقد يُجرح الراوي بما لا يعد جارحاً على التحقيق.

الفرق بين الحسن والضعيف:
من الأمور التي تحتاج إلى تحرير في مجال التصحيح والتضعيف: موضع الفرق بين الحديث الحسن والحديث الضعيف، ولا يخفى أن تحرير هذا الموضع يحتاج إلى تدقيق وإمعان نظر، إذ ليس هناك ضابط لأوصاف الحسن التي لا يمكن تداخل بعضها في بعض أوصاف الضعيف.

ومن الضعيف كذلك ما هو متردد بين الحُسن والضعف، ولذا نرى أن بعض المحدثين كثيراً ما يتردد في الحكم على الحديث بأحد الوصفين فنجد في كلامهم: ((حديث حسن إن شاء الله))، ((حديث محتمل للتحسين))، ((إسناده مقارب))، وغير ذلك من العبارات التي تدل على عدم الجزم في الحكم على الحديث، وذلك بناء على التردد في بعض أوصاف الرواة أو غير ذلك.
قال الذهبي: لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان فيها فإنا على إياس من ذلك، فكم من حديث تردد فيه الحفاظ هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح – بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد، فيوماً يصفه بالصحة ويوماً يصفه بالحسن ولربما استضعفه.
وقال: الحسن لا ينفك عن ضعف ما، ولو انفك عن ذلك لصح باتفاق.
وقال أيضاً: الضعيف الذي يعد من آخر مراتب الحسن، وهو الضعيف الذي في السنن وفي كتب الفقهاء، ورواته ليسوا بالمتروكين كابن لهيعه .
وقال ابن الجوزي في تعريف الحديث الحسن: ما به ضعف قريب محتمل .
وإنما سقت هذا لا ليظن أن الحديث الحسن غير صالح للاحتجاج به، بل لبيان أن التمييز بينه وبين الضعيف يتطلب مزيداً من التحقيق والممارسة، ومراعاة أقوال الأئمة، وتحرير عباراتهم في الجرح والتعديل، إضافة إلى التيقظ والفهم.
قال الشيخ ناصر الدين الألباني: إنه مما ينبغي ذكره بهذه المناسبة أن الحديث الحسن لغيره وكذا الحسن لذاته، من أدق علوم الحديث، وأصعبها، فلا يتمكن من التوفيق بينها أو ترجيح قول على الأقوال الأخرى، إلا من كان على علم بأصول الحديث وقواعده، ومعرفة قوية بعلم الجرح والتعديل، ومارس ذلك عملياً مدة طويلة من الزمن، مستفيداً من كتب التخريجات، ونقد الأئمة النقاد وعارفاً بالمتشددين منهم والمتساهلين، ومن هم وسط بينهم حتى لا يقع في الإفراط والتفريط، وهذا أمر صعب قل من يصبر له، وينال ثمرته .

التضعيف بالنسبة للمتأخرين:
إذا وثق الراوي بعض الأئمة المتقدمين ممن عاصره أو كان قريب العهد بعصره فهل يلتفت إلى تضعيف من ضعفه من المتأخرين؟!
لا يخفى أن الراوي أعرف بمشايخه ومعاصريه، وأدرى بأحوالهم وحديثهم وكذلك كلما قرب زمن الراوي من شيخه كلما كان حكمه في ذلك أقرب إلى الحق، فإن طول العهد، وتباعد الزمان أدعى لاحتمال ضعف النقل، وكثرة الوسائط، وعليه فإن توثيقه إذا كان من أهل الخبرة، والدراية، والاعتدال، مقدم على تضعيف المتأخر.
قال ابن حجر: القسم الثاني فيمن ضعف بأمر مردود كالتحامل أو التعنت أو عدم الاعتماد على المضعف لكونه من غير أهل النقد.. أو لتأخر عصره .
وقال في ترجمة إسرائيل بن يونس: وبعد ثبوت واحتجاج الشيخين به لا يجمل من متأخر لا خبرة له بحقيقة حال من تقدمه أن يطلق على إسرائيل الضعف، ويرد الأحاديث الصحيحة التي يرويها دائماً لإسناده إلى كون القطان كان يحمل عليه من غير أن يعرف وجه ذلك الحمل .

صحة السند أو ضعفه لا تستلزم صحة الحديث أو ضعفه:
مما تقرر في علوم الحديث أن صحة سند الحديث لا تستلزم صحة الحديث وذلك لاحتمال وجود علة أو شذوذ في متنه، وكذلك فإن ضعف السند لا يلزم منه ضعف الحديث لاحتمال أن يكون المتن قد صح من طريق أخرى.
وإذاً فمن التسرع وعدم التثبت أن ينظر طالب العلم إلى إسناد الحديث فإذا وجده متصلاً ووجد رجاله موثقين حكم بصحة الحديث قبل أن يمعن النظر جيداً في متنه، أو شواهده ومتابعاته.
ولكن يسوغ الحكم على الحديث بناء على صحة إسناده بشروط ثلاثة وهي:
1- أن يكون هذا الحكم صادراً من حافظ متأهل لذلك.
2- أن يبذل الجهد والوسع في التفتيش وتتبع الطرق والشواهد.
3- أن الحكم مع ذلك يكون ظنياً.

قال السخاوي: إذا بلغ الحافظ المتأهل الجهد، وبذل الوسع في التفتيش على ذلك المتن من مظانه فلم يجده إلا من تلك الطرق الضعيفة ساغ له الحكم بالضعف بناء على غلبة الظن .

التصحيح والتضعيف أمر اجتهادي:
التصحيح أو التضعيف حكم، وهذا الحكم يصل إليه المصحح أو المضعف بعد استكمال البحث والنظر، وبعد الاطلاع والاستقراء والتتبع، ثم جمع أقوال الأئمة في الراوي، وجمع طرق الحديث، فإن غلب على ظنه بعد ذلك صحة الحديث حكم بصحته، وإن غلب على ظنه ضعفه حكم بذلك، والمقصود هنا أن هذا المجال يدخله الاجتهاد، وتتباين فيه أنظار المجتهدين، وتختلف أحكامهم، وتتعارض أقوالهم، وليس بمرضيّ أن يجرّ ذلك إلى التعصب الذميم للرأي، والتنازع والشقاق والتنابز بالألقاب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمقصود هنا التمثيل بالحديث الذي يروى في الصحيح، وينازع فيه بعض العلماء، وأنه قد يكون الراجح تارة وتارة المرجوح، ومثل هذا من موارد الاجتهاد في تصحيح الحديث كموارد الاجتهاد في الأحكام .
وقال الصنعاني: التصحيح والتضعيف من المسائل الاجتهادية النظرية .
وإذا كان الأمر كذلك فيجب أن تتوافر فيمن يتصدى له شروط الاجتهاد في بابه، وهذا قول وسط بين القول بغلق باب الحكم على الأحاديث وبين فتح الباب مطلقاً.

تصحيح المعنى:
من الأمور الشائعة تصحيح معنى الحديث مع كونه واهياً أو لا أصل له، ولا يعرف له سند، فيقولون أحياناً: حديث ضعيف لكن معناه صحيح، أو حديث موضوع لكن معناه صحيح، أو يشهد لمعناه كذا ونحو هذا .

وهذا التصحيح للمعنى غلط من وجوه:
الأول: أننا لسنا في حاجة إلى هذا الحديث الموضوع أو الضعيف جداً أو الضعيف إذا كان ثم ما يغنينا عنه من الأحاديث الصحيحة. فإذا كان المتن ثابتاً من وجه آخر فلابد من البيان فنقول متن مشهور وإسناد ضعيف أو ضعيف جداً، فنفصّل الكلام في ذلك ونوضحّه .
الثاني: أن قولهم: حديث ضعيف، أو حديث موضوع لكن معناه صحيح غلط ظاهر، لأن الحكم على الحديث هنا حكم على إسناده ومتنه، فكيف يحكم عليه بمجموع الأمرين بالوضع، ثم يحكم على المتن بالصحة، فهل يكون موضوعاً صحيحاً، أو ضعيفاً صحيحاً في آن معاً؟
الثالث: أن هذا القول فتح باب التساهل في رواية الأحاديث الواهية والموضوعة، وتناقلها وتداولها بين العامة، وبين طلبة العلم مع نوع من التأييد لها بحجة صحة معناها، وإذا كان المعنى صحيحاً فهذا يعني التساهل والتسامح في ذكر الألفاظ المشتملة على المعنى الصحيح، ولقد جرّ هذا بلاء وفتنة .
الرابع: أنه غالباً ما يكون هناك فرق دقيق في المعنى بين ما اشتمل عليه الحديث الموضوع، أو الحديث الواهي وبين ما أشتمل عليه الحديث الصحيح، ولكن للاغترار بهذا القول، أغفل هذا الفرق أو ظن أنه غير مؤثر في المعنى تأثيراً ذا أهمية، ولعمري أي فرق أجل مما بين ما نطق به الوحي، وبين ما قاله المتقولون والواهمون.
الخامس: هذا القول لا يعلم له مستند من دليل، والقول البديل عنه أن يقال: هذا حديث موضوع، أو باطل، أو واهٍ، ويغني عنه الحديث الصحيح وهو كذا وكذا.
السادس: لسنا ملزمين بأن نقيم نسباً بين كل قول جميل، أو حكمة، أو مثل، وبين الوحي، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لنثبت أنه أفصح الناس وأحكمهم، فإن هذه الحقيقة أنصع من أن تحتاج إلى مثل هذا الإثبات، وكأننا حين نفعل ذلك نكافيء الكذاب، أو المبتدع أو المخطيء بالعناء الذي نبذله لتمرير عمله.

بعض القرائن التي تراعى في المصححين والمضعفين:
ليس كل إمام من أئمة الجرح والتعديل يعتمد قوله في كل راوٍ، فقد قلنا إن التصحيح والتضعيف أمر اجتهادي، ولذلك فإن الاختلاف في جرح الراوي وتعديله، يوجب التثبت في ترجيح أحد الأمرين على الآخر، وإلى اتباع القواعد العلمية الدقيقة في تقديم أحد الأمرين على الآخر، فإنه قد وقع الطعن من بعض المجرحين في بعض الرواة، وعند التأمل تبين أن هذا الطعن لا يلتفت إليه، ولا يعول عليه.
وهذه أهم أسباب الطعن التي لا يعول عليها، وإن صدرت من أئمة من أهل الرسوخ في هذا الشأن:
1- الطعن بسبب الدخول في أمر الدنيا، كولاية الحسبة أو القضاء ونحوه.
2- الطعن بسبب التحامل الواقع بين الأقران والتعاصر كطعن مالك في ابن اسحق مثلاً.
3- الطعن بسبب اختلاف العقائد والرأي كطعن نعيم بن حماد والجورقاني في بعض أهل الرأي والبدعة.
4- الطعن في راوٍ توهما أن الحمل عليه لتفرد أو نكارة في حين أن الحمل يكون فيه على غيره.
5- الطعن ممن هو ليس أهلاً لذلك لضعف فيه، كالكديمي، والأزدي.
6- الطعن في راوٍ متوهماً أنه راوٍ آخر.
7- الطعن فيه من قبيل التشدد والتعنت.
8- الطعن لعداوة دنيوية كطعن ربيعة بن عبدالله بن ذكوان (أبي الزناد).
9- الطعن للجهل بحال الراوي أو عينه كما يقع لابن حزم وابن القطان.
10- الطعن بغير طاعن.
قال ابن حجر رحمه الله: وأعلم أنه قد وقع من جماعة الطعن في جماعة بسبب اختلافهم في العقائد، فينبغي التنبه لذلك وعدم الاعتداد به إلا بحق، وكذا عاب جماعة من الورعين جماعة دخلوا في أمر الدنيا فضعفوهم لذلك ولا أثر لذلك التضعيف مع الصدق والضبط، وأبعد ذلك كله من الاعتبار تضعيف من ضعف من الرواة بأمر يكون الحمل فيه على غيره، أو للتحامل بين الأقران، وأشد من ذلك تضعيف من ضعف من هو أوثق منه، أو أعلى قدراً، أو أعرف بالحديث فكل هذا لا يعتبر به .

مراعاة السند والمتن في التصحيح والتضعيف:
لا يخفى أن الحكم على الحديث يجب أن يكون عن دراسة لسنده ومتنه وأنه لا يحكم عليه بالصحة أو الضعف حكماً نهائياً حتى يجمع شروط ذلك سنداً ومتناً.
ولكن قد يحكم عليه حكماً جزئياً باعتبار:
1- طريق أو إسناد له بخصوصه.
2- لفظ أو سياق له معين.
ومن هنا انبرى المحدثون لنقد السند والمتن على حد سواء ووضعوا القواعد والمعايير العلمية الثابتة للحكم على ذلك ولم يتركوا الأمر هملاً.

الراوي المختلف فيه:
إذا اختلفت أقوال المحدثين في الراوي، منهم من يوثقه، ومنهم من يجرحه ويطعن فيه، فما حكم حديثه؟
هل نغلب جانب الجرح احتياطاً فنعد حديثه مردوداً، أو نغلب جانب التعديل فنعده صحيحاً؟ أو نتوسط في ذلك فنجعل حديثه من نوع الحسن؟
اعلم أن هذه المسألة من أهم مسائل التصحيح والتضعيف إذ أن الرواة من حيث القبول والرد ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
الأول: متفق على جلالتهم وإتقانهم، أو على توثيقهم جمهور الأئمة جهابذة هذا الشأن وفرسانه، فلا يلتفت إلى ما فيهم من جرح عام، وإنما ينظر إلى ما جرحوا فيه من جرح خاص يتعلق بالطعن في بعض حديثهم أو في روايتهم عن بعض شيوخهم، أو ما ثبت أنهم وهموا فيه من وهم يسير لا يضر في جانب إتقانهم وضبطهم.
الثاني: قسم متفق على ضعفهم، أو على تضعيفهم جمهور أئمة هذا الشأن فلا يتلفت إلى توثيق من وثقهم توثيقاً عاماً، وينظر في ذلك إذا كان التوثيق خاصاً كتوثيقه في الرواية عن شيخ معين أو روايته لصحيفة معينة، أو ضبطه لحديث بعينه.
القسم الثالث: وهم الرواة المختلف فيهم، وهنا مربط فرس المحققين، ومناخ رواحلهم، وهنا يجب تحرير عبارات الأئمة، ومعرفة مناهجهم في الحكم على الرواة تساهلاً وتشدداً واعتدالاً، ومعرفة سياق كلامهم في الراوي، وقرائن التجريح والتعديل.
ومن ذلك أيضاً اختلاف قول الإمام الواحد في الراوي الواحد يوثقه مرة ويطعن فيه أخرى، ويحسن حاله مرة ثالثة، فيتعين معرفة عادة ذلك الإمام أو معرفة آخر أقواله في الراوي أو أضبط الروايات عنه، أو سياق كلامه وغير ذلك من القرائن.
ومما ينبغي أن يعلم في هذا الشأن أنه لا يصلح أن يطرح حديث الراوي أو يتوقف فيه، للاختلاف فيه، أو لإطلاق الكلام فيه، وإلا للزم تضعيف آلاف الأحاديث وردّها.
ولذا فقد ذهب عدد من المحدثين كأحمد في مسنده، والنسائي في سننه وغيرهما إلى أنه لا يترك حديث الرجل حتى يجمع الجميع على تركه .
وصرح جمع من العلماء سيأتي ذكرهم إن شاء الله قريباً أن حديث المختلف فيه يعد من الحسن وبتأمل أقوالهم في هذه المسألة نجد أن لا يصار لهذا الحكم إلا بشروط وهي:
1 – أن لا يكون هناك قرينة قوية ترجح أحد الجانبين أي الجرح والتعديل على الآخر، كأن يكون المعدلون أشهر أو أكثر عدداً، أو أن يكون الجرح صادراً من غير عدل متيقظ، أو أن يجرح بما لا يعد جارحاً، أو غير ذلك من أسباب الطعن غير المعتبرة المتقدمة.
2 – أن لا يكون للراوي أحاديث تستنكر عليه، وهي التي طعن فيه بسببها فإن هذا يرجح القول بتضعيفه.
قال الذهبي في جزء ((من تكلم فيه وهو ثقة)) هذا فصل نافع في معرفة ثقات الرواة الذين تكلم فيهم بعض الأئمة بما لا يرد أخبارهم، وفيهم بعض اللين، وغيرهم أتقن منهم واحفظ، فهؤلاء إن لم يكن حديثهم في أعلى مراتب الصحيح فلا ينزل عن رتبة الحسن، اللهم إلا أن يكون للرجل منهم أحاديث تستنكر عليه، وهي التي تكلم فيه من أجلها .
3 – أن يكون هذا الراوي مشهوراً بالصدق أو الستر، وهذا يعني المتهم بالكذب أو فاحش الخطأ لا يكون حديثه حسناً، ولو وثق، إلا أن يكون اتهامه من قبيل التحامل أو من غير متقن أو متعنت.
قال ابن الصلاح: إذا كان الراوي متأخراً عن درجة أهل الحفظ والإتقان غير أنه من المشهورين بالصدق والستر، وروي مع ذلك حديثه من غير وجه فقد اجتمعت له القوة من الجهتين وذلك يرقى حديث من درجة الحسن إلى درجة الصحيح.
ومثل ابن الصلاح لذلك بمحمد بن عمرو بن علقمة فهو من المشهورين بالصدق والصيانة ولكنه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه، ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته قال: فحديثه من هذه الجهة حسن .
وقال المنذري في مقدمة الترغيب: وقد لا أذكر الراوي المختلف فيه فأقول إذا كان رواة إسناد الحديث ثقات وفيهم من اختلف فيه: إسناده حسن أو مستقيم أو لا بأس به ونحو ذلك حسبما يقتضيه حال الإسناد والمتن وكثرة الشواهد .
وقال الحافظ ابن حجر: لا يحكم على رواية مختلف في توثيقه بالصحة بل غايته أن يكون حسناً .
وقد فصل القول في هذه المسألة العلامة المعلمي فقال:
إذا اختلفوا في راوٍ فوثقه بعضهم ولينه بعضهم، ولم يأت في حقه تفصيل فالظاهر أنه وسط فيه لين مطلقاً، وإذا فصلوا أو أكثروا الكلام في راوٍ فثبتوه في حال، وضعفوه في أخرى فالواجب أن لا يؤخذ حكم ذاك الراوي إجمالاً إلا في حديث لم يتبين من أي الضربين هو، فأما إذا تبين فالواجب معاملته بحسب حاله .
وعلى ذلك فإن من يريد الحكم على الحديث بالتضعيف أو التحسين أو التصحيح لابد له من جمع ما قيل في الراوي من جرح وتعديل، ثم الموازنة بين الأقوال، والنظر إلى قرائن الترجيح بينها، فإن كان الراوي ممن يوصف بأنه مختلف فيه فإن حديثه يعد من الحسن بالشروط المتقدمة، وإلا فيعطي الحكم الذي ترجح لديه.
ومما يجدر ذكره هنا أنه لا يعد من التوثيق للراوي وصفه بكثرة العبادة من صلاة وصيام وغيرهم، وكذلك في عدله في ولاية المظالم، أو زهده وتخشنه في العيش، واشتهاره بالصلاح والورع كما ذهب إليه بعض العلماء لأن توثيق الراوي يشمل عدالته، وصدقه، وضبطه وحفظه لما يروي، فذكره بالصلاح والعبادة ونحو ذلك يثبت الأمر الأول، ولا يثبت الثاني، فإن الضبط يعرف بأمور أخرى، بل قد يكون الراوي مبتدعاً، أو سيء الرأي في بعض أمور الدين، لكن يقبل حديثه إذا كان ضابطاً لما يروي، غير متهم بكذب، فقد كان ابن خزيمة رحمه الله إذا حدث عن شيخه عباد بن يعقوب الكوفي يقول: حدثنا الثقة في روايته المتهم في رأيه.

الراوي المجهول:
جهالة الراوي لا تعني رد حديثه مطلقاً فإن الرواة يتفاوتون في ذلك، تبعاً لعصورهم، فجهالة الراوي المعدود من كبار التابعين ليست كجهالة الراوي المتأخر عن ذلك كأن يكون من صغارهم أو ممن بعد عصرهم، كما أن الحال يختلف باختلاف الأمر من روى عن هذا المجهول هل هو من أهل الإتقان والتحري أولاً ويختلف الأمر أيضاً بالنسبة لمن روى عنه البخاري ومسلم فإنه لا يوصف بالجهالة إذا كان ممن تلقى حديثه بالقبول.
قال الذهبي: وأما المجهولون من الرواة فإن كان الرجل من كبار التابعين أو أوساطهم احتمل حديثه، ويتلقى بحسن الظن إذا سلم من مخالفته الأصول، وركاكة الالفاظ.
وإن كان الرجل منهم من صغار التابعين فيتأنى في رواية خبره، ويختلف ذلك باختلاف جلالة الراوي عنه، وتحريه، وعدم ذلك.
وإن كان المجهول من أتباع التابعين فمن بعدهم فهو أضعف لخبره سيما إذا انفرد به قلت: وهذا هو مذهب الكثير من المحدثين.
قال المعلمي: وكذلك ابن سعد وابن معين والنسائي وآخرون غيرهم يوثقون من كان من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروى متابع أو شاهد .
وقال ابن حجر: لا يضعف بالجهالة من روى عنه البخاري .
وقال السخاوي: بل صرح بعضهم باستلزام القول بالقطع بصحة ما لم ينتقد من أحاديثهما القطع بعدالة رواتهما يعني فيما لم ينتقد .
وعليه فليس كل إسناد يقال في أحد رواته مجهول فهو إسناد ضعيف ولا كل راوٍ يوصف بالجهالة يعد ضعيف الحديث، فضلاً عن عدم قبول حديثه بحال.



تصحيح الحديث إذا جمع سنده شروط الصحة:
ذهب جماعة من المحدثين والفقهاء إلى أن الحديث يحكم عليه بالصحة إذا اتصل سنده بنقل العدل الضابط، ثم إن ظهر بعد ذلك شذوذ أو علة تغير الحكم عليه تبعاً لذلك.
وهذا مذهب غريب ضعيف فمن المعلوم أن الحكم على الحديث لا يتأتى إلا بدراسة سنده ومتنه وتوفر شروط الصحة فيهما – فكيف يحكم له بالصحة لصحة سنده دون التأكد من خلو متنه من علة أو شذوذه.
ويحسن التنبيه إلى أن بعض المتأخرين قد يغتر بتصحيح بعض المحدثين ممن يرى هذا الرأي فيحتج بذلك، فيرد به على من يذهب إلى تضعيفه.
قال السخاوي: وأما من لم يتوقف من المحدثين والفقهاء في تسمية ما يجمع شروط الصحة الثلاثة – أي في سنده – صحيحاً، ثم إن ظهر شذوذ أو علة ردّه، فشاذ، وهو استرواح حيث يحكم على الحديث بالصحة قبل الإمعان في الفحص، وتتبع طرقه التي يعلم بها الشذوذ أو العلة نفياً وإثباتاً، فضلاً عن أحاديث الباب كله التي ربما احتيج إليها في ذلك.
قال: وكذا لا ينبغي الحكم بالانقطاع، ولا بجهالة الراوي المبهم بمجرد الوقوف على طريق، كذلك لابد من الإمعان في التفتيش لئلا يكون متصلاً ومعيناً في طريق آخر، فيعطل بحكمه الاستدلال به .

التصحيح والتضعيف العقلي:
إذا تأملنا بعض ردود الصحابة ومناقشاتهم، واستدراك بعضهم على بعض فإننا نرتضي القول بأن (الصحابة فسحوا الطريق للعقل، للنظر في الحديث، ولكن هذا النظر لم يكن نظر عقلياً مجرداً، بل كان مستنداً إلى اعتبار الأصول والأحكام الثابتة بالأدلة القاطعة) .
وكانوا ينكرون أشد الإنكار على من يرد الحديث دون استناد إلى الأصول والقواعد الثابتة أو لمجرد مخالفته لعقله ورأيه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"لا يعلم حديث واحد يخالف العقل، أو السمع الصحيح، إلا وهو عند أهل العلم ضعيف، بل موضوع، بل لا يعلم حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر والنهي أجمع المسلمون على تركه إلا أن يكون له حديث صحيح يدل على أنه منسوخ".
قال: والنصوص الثابتة في الكتاب والسنة لا يعارضها معقول بين قط، ولا يعارضها إلا ما فيه اشتباه واضطراب .
إن دور العقل يجب أن يكون في تأصيل القواعد العلمية الصحيحة للنقد والجرح والتعديل، والترجيح والتعليل والحكم على الراوي، وغير ذلك. فإذا ثبت الحديث بحسب القواعد العلمية، ونقله إلينا العدل الضابط، وليس في سنده أو متنه ما يخالف أصلاً ثابتاً، فليس لأحد رده لمظنه احتمال الخطأ على روايه، أو لظن مخالفته للعقل.
قال الشيخ المعلمي رحمه الله: ولقد راعى المحدثون العقل في أربعة مواطن:
1- عند السماع.
2- عند التحديث.
3- عند الحكم على الرواة.
4- عند الحكم على الحديث.
وبسط الحكم على الحديث.
وبسط ذلك بسطاً شافياً في أنواره الكاشفة .
ثم إن أصحاب هذا الاتجاه من العقلانيين لم يتفقوا على قاعدة واحدة في هذه المسألة، ومن تأمل آراءهم، واتجاهاتهم وجد تخبطاً واضطراباً عند متقدميهم ومتأخريهم من المتكلمين أو من المستشرقين أو من لف لفهم في ذلك.
فأي قاعدة يرجع إليها في تصحيح الحديث أو تضعيفه، أم أن عقل كل واحد منهم يجعله هو القاعدة في ذلك؟!

التصحيح والتضعيف بالكشف:
ذهب بعض المتصوفة إلى الإعتماد على المعرفة القلبية، والعلم الباطن في التمييز بين الحق والباطل وتصحيح الحديث، أو الحكم عليه بالضعف أو بالوضع.
يقول ابن عربي: رب حديث يكون صحيحاً من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله (للرسول) صلى الله عليه وسلم فيعلم وضعه ويترك العمل به، وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه، ورب حديث ترك العمل به لضعف طريقه من أجل وضاع في رواته يكون صحيحاً في نفس الأمر لسماع المكاشف له من (الروح) حين إلقائه على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

معنى الكشف عندهم:
وقد عرف أهل التصوف الكشف بأنه: (الإطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجوداً وشهوداً).
أو (العلم الباطن المتفجر من داخل القلب).
أو (إدراك الأمور بنور إلهي لا بالسماع) .
ولا يخفى بطلان هذا المسلك، فهو قول محدث لم يعرفه سلف الأمة، وفيه إبطال لقواعد الجرح والتعديل، وهدم لمنهج المحدثين، فوق أن الكشف مضطرب لا قاعدة له ولا انضباط.
قال ابن القيم رحمه الله: ومن أحالك على غير (أخبرنا) و(حدثنا) فقد أحالك إما على خيال صوفي، أو قياس فلسفي، أو رأي نفسي فليس بعد القرآن وأخبرنا إلا الشبهات، ومن فارق الدليل ضل عن سواء السبيل .

الحديث الضعيف المتلقى بالقبول:
مما اشتهر عند بعض العلماء أن الحديث الضعيف الذي لا يعرف له إسناد ثابت إذا تلقاه العلماء بالقبول فإنه يعمل به، ويقوى من أجل هذا التلقي.
وقد نظرت أقوال أهل العلم في هذه المسألة فتبين لي فيها ما يلي:
1- أن القول بأن العلماء تلقوه بالقبول، المقصود به جمهور العلماء فلا يعد إجماعاً.
2- أن أكثر الأحاديث التي وصفت بهذا الوصف مختلف في تصحيحها وتضعيفها.
3- أن تلقي معنى الحديث بالقبول لا يلزم منه تصحيح الحديث.
4- أن هذه الطريقة لا تعرف لتصحيح الحديث عند المحدثين، فلا تعتمد لتصحيح إسناد الحديث، والإحتجاج به على قواعد المحدثين ومنهجهم.

تصحيح الحديث لموافقته الأصول وتضعيفه لمخالفته لها:
أما تصحيح الحديث لموافقته للأصول فقد تقرر أن من قواعد المحدثين أن الحديث يتقوى إذا تأيد بظاهر القرآن أو موافقة شاهد صحيح له، وهذا إذا كان الحديث مما يتقوى مثله فإنه لا يصحح ولا يحسن بهذا التأييد.
ودعوى معارضة الحديث للأصول دعوى عريضة يدعيها المتسرعون إلى إسقاط الحديث أو الحكم بضعفه لتوهم معارضته للأصول، وما ذكروه من أمثلة يصلح أن يكون برهاناً على هذا التسرع وسوء الفهم للحديث.
قال ابن القيم رحمه الله في رد الدعوى بمخالفة حديث المصراة للأصول: والحديث موافق لأصول الشريعة وقواعدها، ولو خالفها لكان أصلاً بنفسه، كما أن غيره أصل بنفسه، وأصول الشرع لا يضرب بعضها ببعض، بل يجب اتباعها كلها، ويقر كل منها على أصله، وموضعه، فإنها كلها من عند الله الذي أتقن شرعه وخلقه .
ولسنا ننكر على المؤهل علماً وديناً أن يعمل عقله عند توهم التعارض، ويرجح ما يغلب على ظنه ترجيحه وفق القواعد العلمية، ولكننا ننكر أشد الإنكار إطلاق القول برد السنة الصحيحة الثابتة بنقل العدول بحجة كونها آحاداً، أو بحجة معارضتها للقرآن الكريم أو السنة المتواترة حتى يصبح ذلك أصلاً مسلماً يسارع إليه المؤهل وغير المؤهل.
ومن نظر في صناعة هؤلاء القوم، وتأمل ما أوردوه من أمثلة مزعومة على التعارض وجد خبطاً وخلطاً كثيراً، وأدرك تجنياً على الحق ملبساً ثوب المنهج العلمي، والموضوعية، وتحري الإنصاف. وإنما هم يحكمون في الحقيقة بوهم الثقات الضابطين بل يتهمونهم في نقلهم، بل أكثر من ذلك هم يحكمون على جماهير ومحدثي الأمة وعلمائها بالجهل والغباء، حيث قبلوا هذه الأحاديث دون فقه أو نظر في متونها ليتبينوا ما تبين هؤلاء.

عرض الحديث على القرآن:
ومما جعل سبباً لرد الحديث عند البعض أن المحدثين كانوا أو جلهم – زعموا – رواة نقله، لم يعتنوا بفقه الحديث، ولم يهتموا بتحقيق معناه، وإنما كانت همتهم منصرفة لبيان الأسانيد، وأحوال الرواة، وصيغ الأداء، وربما استدلوا لما زعموا بحديث:
(ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فأنا قلته، وما خالفه فلم أقله).
والجواب على هذا من وجوه:
1 – هذا الحديث موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح أن ينسب إليه، فقد وضعه أبو جعفر المدائني عبدالله بن المسور، وكان كذاباً يضع الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم، وله طرق أخرى كلها ضعيفة وقد أنكره الأئمة ابن معين، والشافعي، وابن حزم، وابن تيمية وغيرهم .
2 – أما من حيث المتن فهو مردود من وجهين:
الأول: هو كما قال البيهقي رحمه الله ينعكس على نفسه بالبطلان، فليس في القرآن دلالة على عرض الحديث على القرآن .
الثاني: أنه صح خلافه كما قال الفيروز آبادي يرحمه الله، وهو حديث: ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)) .
وهذا الحديث يلقم حجراً كل من حاول الدس والطعن في السنة الصحيحة أو حاول أن يفتعل التعارض بينها وبين الظاهر القرآن، ولله الحمد كله.

تضعيف الحديث لمخالفته للأمور الطبيعية والعلمية:
من العلوم أن لا تعارض بين حقيقة جاء الشارع بها سواء أكان ثبوتها بآية من كتاب الله، أم بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين حقيقة علمية أو طبيعية ثابتة لا يتطرق إليها احتمال الخطأ لكن يأبى بعض مرضى القلوب إلا أن يفتعل التعارض بين الحديث، وبين بعض الفروض أو النظريات والآراء العلمية أو الكشوف الطبية.
ويشغبون لذلك برد أحاديث ثابتة لا يتطرق أدنى احتمال، لصحتها مما اتفق عليه الشيخان وتلقته الأمة بالقبول، ويسخرون من الأئمة العدول الضابطين، جبال العلم والحفظ، وجهابذة النقد.
فالحديث إذا ثبت عندنا وصح بحسب القواعد العلمية المؤصلة، فلا قدر عندنا بعد ذلك لتجربة أو تحليل مختبري، أو غيره، فإننا على يقين أن ما لم يتأهل له الأطباء اليوم فقد يتأهلون له غداً، وليس هناك عامل يجزم أن عصرنا هذا أو أطباءنا وخبراءنا اليوم هم نهاية مطاف الدنيا في البحوث والمكتشفات العلمية والتجارب الطبية، فما من يوم يبزغ فجره إلا ويكشف لنا عن جهلنا في يوم غربت شمسه، ولله تعالى في خلقه شئون، وفوق كل ذي علم عليم.

تضعيف الحديث لمخالفته للواقع الاجتماعي، والظروف الاجتماعية والنفسية:
زعم بعض الباحثين إهمال المحدثين لدراسة الواقع الاجتماعي والنفسي والسياسي للراوي، وأثر ذلك على الرواية، ولم يدرسوا – بزعمه – كثيراً بيئة الراوي الشخصية وما قد يحمله على الوضع . إن من يعلم واقع المحدثين ويطلع على دقة منهجهم في تمحيص الروايات، وتتبع أحوال الراوي وظروف الرواية، ومعرفة كل دقيق وجليل، ومدخل الرواة ومخرجهم، وتلاميذهم وشيوخهم، وسيرتهم الخاصة والعامة، ورحلاتهم، وضبطهم، ووهمهم، وما خالفوا فيه حتى إنهم أسقطوا رواية الراوي إذا (هم أن يكذب في الحديث ولو هما) .
كل من يعلم ذلك ولو بإلقاء نظرة على كتب الرجال يدرك أن الزعم المتقدم محض افتراء على المحدثين مع خلوه من الأمانة والموضوعية.
قال شيخنا محمد أبو شهبة رحمه الله في رده على أبي رية: وما يتراءى لبعض الناس أنه مخالف الكونية – من الأحاديث – قد لا يكون مخالفاً عند التحقيق والتدقيق، وما يعتبره البعض مخالفاً للقطعي أو للحسي قد لا يعتبره الآخر كذلك، فمن ثم دخلت المغالط الكثيرة على المؤلف وغيره ممن عرضوا لنقد الحديث، وذلك لأنهم جعلوا غايتهم التزييف والهدم، فمن ثم تلمسوا أوهى الأسباب، وركبوا كل صعب في سبيل إظهار بعض الأحاديث بمظهر المخالف لما ذكر .







تضعيف الحديث لكونه لم يروه أصحاب الكتب المعتمدة:
إذا لم يرد الحديث في كتب السنة المعتمدة، ولم يروه أحد من أصحاب المصنفات الحديثية المشهورة المعروفة، فهل يحكم لذلك على الحديث بالضعف، وذلك بأن يروى في جزء من الأجزاء، أو الفوائد أو الأمالي أو المجالس، أو المشيخات أو غيرها من المصنفات، ولم يخرج في شيء من الكتب المعتمدة.
ونعني بكون الكتاب معتمداً أن يكون من كتب الحديث ويجمع بين صفتي التقدم والشهرة، أي التداول في أوساط العلماء، ويكون معروفاً مشهوراً لديهم، متقدماً في التصنيف، لا شك أن الحديث إذا كان مما يحتاج إلى مثله ولم يعرف لدى المصنفين المشهورين الذين قاموا بجمع الأحاديث وتصنيفها، أو يكون معروفاً لكن يعرضون عن إخراجه، فإنه مما يغلب على الظن عدم صحته، إذ لو كان صحيحاً لعرفه وخرجه بعض هؤلاء الحفاظ المتقدمين.
قال ابن الجوزي: (الموضوعات 1/99): فمتى رأيت الحديث خارجاً عن دواوين الإسلام كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود ونحوها فانظر فيه فإن كان له نظير من الصحاح والحسان قرب أمره، وإن ارتبت فيه ورايته يباين الأصول فتأمل رجال إسناده.. إلخ.
قال الزيلعي: يكفينا في تضعيف أحاديث الجهر بالبسملة إعراض أصحاب الجوامع الصحيحة، والسنن المعروفة، والمسانيد المشهورة المعتمدة عليها في حجج العلم ومسائل الدين عنه.
وقال صاحب ((التنقيح)) كيف يكون هذا الحديث – أي حديث رخصة الحجامة للصائم – صحيحاً، سالماً من الشذوذ والعلة، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، ولا هو في المصنفات المشهورة، ولا في السنن المأثورة، ولا في المسانيد المعروفة، وهم يحتاجون إليه أشد احتياج .
وقد كثر هذا في كلام العلماء كابن تيمية، وابن عبدالهادي، وغيرهما .
قال ابن جماعة: مع غلبة الظن أنه لو صح لما أهمله أئمة الأعصار المتقدمة لشدة فحصهم واجتهادهم .
ولا عبرة هنا بالأحاديث المنقولة في كتب الفقه المبسوطة، أو كتب التاريخ والتصوف ونحوها ما لم يظهر سندها، أو يعلم اعتماد أرباب الحديث عليها، وإن كان مصنفها فقيهاً جليلاً يعتمد عليه في نقل الأحكام، وعلم الحلال والحرام .

تصحيح الحديث المضطرب إذا لم يكن له مخالف:
الحديث المضطرب: هو الذي تختلف الرواية فيه فيروى على أكثر من وجه يخالف بعضها بعضاً وتكون متساوية في القوة، وقد يكون الراوي نفسه هو الذي روى هذه الوجوه، وقد يرويه بعض الرواة على وجه، وبعضهم على وجه آخر.
وإنما يحكم بضعف الحديث المضطرب؛ لأنه دال على عدم ضبط الراوي أو الإخلال بضبطه.
ولا يتحقق الاضطراب إلا بأن تتساوى الوجوه المتعارضة في القوة أما إذا ترجحت إحداها بحيث لا تقاومها الأخرى فالحكم للراجحة، ولا اضطراب حينئذ في الحديث .
وقال ابن التركماني: إذا أقام ثقة إسناداً اعتمد ولم يبال بالاختلاف .
قال الخلال في جامعه في حديث ابن عباس في كفارة وطء الحائض قال: كأنه يعني الإمام أحمد – أحب أن لا يترك الحديث وإن كان مضطرباً لأن مذهبه في الأحاديث إذا كانت مضطربة ولم يكن لها مخالف قال بها .
وإذا فلا تنافي بين الصحة والاضطراب في الرواية دائماً فقد تجمتعان، وقد يوصف المضطرب بالصحة أو بالحسن، وذلك بأن يقع الاختلاف في اسم رجل واحد وأبيه ونسبته ونحو ذلك، يكون ثقة، فيحكم للحديث بالصحة ولا يضر الاختلاف فيما ذكر مع تسميته مضطرباً، بل جزم بعض العلماء كالزركشي بذلك أيضاً في المقلوب والشاذ بأن يدخل القلب والشذوذ والاضطراب في قسم الصحيح والحسن .
ما سكت عنه أبو داود:
قال أبو داود في بيان حال الأحاديث التي اشتمل عليها كتابه: ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته.. وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض .
وقد اختلف في مقصود أبي داود من كلمة ((صالح)) هل تعني أنه صالح للاحتجاج، أو صالح للاعتبار، أو حديث. قال ابن الصلاح بعد ذكره كلام أبي داود المتقدم:
فعلى هذا ما وجدناه في كتابه مذكوراً مطلقاً، وليس في واحد من الصحيحين ولا نص على صحته أحد ممن يميز بين الصحيح والحسن عرفنا بأنه من الحسن عند أبي داود، وقد يكون في ذلك ما ليس بحسن عنده، ولا مندرج فيما حققنا ضبط الحسن به.
وقال ابن منده: وكذلك أبو داود السجستاني يأخذ مأخذه – أي مأخذ النسائي – ويخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره، لأنه أقوى عنده من رأي الرجال .
وقسم الحافظ ابن حجر ما سكت عليه أبو داود إلى أربعة أقسام:
1- ماهو في الصحيحين أو على شرط الصحة.
2- ما هو من قبيل الحسن لذاته.
3- ما هو من قبيل الحسن إذا اعتضد.
4- ما هو ضعيف لكنه من رواية من لم يجمع على تركه غالباً.
وكل هذه الأقسام عنده تصلح للاحتجاج .
وقال ابن عبدالبر: كل ما سكت عليه أبو داود فهو صحيح عنده لا سيما إن كان لم يذكر في الباب غيره .
قال العراقي: إن كان أبو داود يرى الحسن رتبة بين الصحيح والضعيف فالاحتياط بل الصواب ما قاله ابن الصلاح، وإن كان رأيه كالمتقدمين أن الحديث ينقسم إلى صحيح وضعيف، فما سكت عنه فهو صحيح، والاحتياط أن يقال فهو صالح كما عبر أبو داود.
قال: وهكذا رأيت الحافظ أبا عبدالله بن المواق يفعل في كتابه (بغية النقاد) يقول في الحديث الذي سكت عليه أبو داود: هذا حديث صالح .
فالخلاصة: أن ما سكن عليه أبو داود في سننه ليس نوعاً واحداً ولا يحكم عليه بحكم واحد، فمنه ما هو صحيح، ومنه ما هو حسن، ومنه ما هو ضعيف هذا من حيث الواقع، أما عند أبي داود فما سكت عنه يعني أنه صالح للاحتجاج عنده، ولا يخفى أنه ليس كله على درجة واحدة.

تصحيح الحديث أو تضعيفه للحب والبغض:
وهذا لون من ألوان التعصب الأعمى، وضرب من ضروب الهوى لا يستند إلى دليل، ولا يتحاكم إلى حق، وإنما هو محض الهوى.
وهو منهج يتبعه الرافضة وغيرهم من الطوائف الزائغة عن الحق، فما وافق من ذلك هواهم، ونصر بدعتهم صححوه وإن كان بأوهى الأسانيد، وما خالفهم ضعفوه ولو كان بأصح الأسانيد.
وهؤلاء الرافضة من أجهل الناس بالسنة، وأبعد عن معرفة صحيحها من سقيمها، وهم كما وصفهم ابن تيميه رحمه الله:
"وأما الحديث فهم من أبعد الناس عن معرفته، لا إسناده، ولا متنه، ولا يعرفون الرسول صلى الله عليه وسلم وأحواله، ولهذا إذا نقلوا شيئاً من الحديث كانوا من أجهل الناس به، وأي كتاب وجدوا فيه ما يوافق هواهم نقلوه من غير معرفة بالحديث" .
ولسنا نتجنى عليهم، فهذه أحاديث البخاري ومسلم التي تلقتها الأمة بالقبول، وسلم بصحتها ألوف المحدثين جيلاً بعد جيل، قد رموها بالكذب وحكموا عليها بالوضع والتلفيق إلا بعض الأحاديث التي توافق ما عندهم من هوى.
وقد صححوا آلاف الأحاديث الواهية والمنقطعة، التي لا يقوم لها إسناد، ولا يعرف لها أصل، وما ذلك إلا لغلبة الهوى، واستحكام العمى، والبغض المقيت الذي يملأ قلوبهم على السنة وأهلها، وحملتها الذابين عنها.
قال العلامة محب الدين الخطيب في بيان موقف الشيعة من الحديث:
"لا يعتمدون إلا الأحاديث المنسوبة لآل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعض الأحاديث لمن كانوا مع علي رضي الله عنه في معاركه السياسية ويرفضون ما سوى ذلك".
ولا يهتمون بصحة السند، ولا الأسلوب العلمي فكثيراً ما يقولون مثلا: ((عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابنا، عن رجل، عنه أنه قال)) وكتبهم مليئة بعشرات الآلاف من الأحاديث التي لا يمكن إثبات صحتها، وقد بنوا عليها دينهم.
وبذلك أنكروا أكثر من ثلاثة أرباع السنة النبوية، وهذه من أهم نقط الخلاف بينهم، وبين سائر المسلمين .
وقال الدكتور موسى الموسوي: ولا أعتقد أن زعيماً دينياً واحداً من زعماء المذهب الشيعي قديماً وحديثاً قد قام بغربلة الكتب الشيعية من الروايات التي تنسب زوراً إلى الأئمة في تجريح الخلفاء، وغيرها من الروايات التي يحكم العقل السليم ببطلانها، وعدم صدورها من الإمام مع أن علماء المذهب كلهم مجمعون أيضاً بأن الكتب التي يعتمدون عليها في الشئون المتعلقة بالمذهب فيها روايات باطلة غير صحيحة، وهم يذعنون بأن هذه الكتب تجمع بين طياتها الصدف والخزف والصحيح والسقيم، ومع ذلك لم يسلك هؤلاء الزعماء طريق إصلاح مثل هذه الروايات.
فإذا كانت زعاماتنا الشيعية تتصف بالشجاعة وتؤمن بالمسئولية الملقاة على عاتقها في رفع الخلاف لتحمل مسئولية الخلاف بكاملها، ولعملت على إزالة مثل هذه الروايات من بطون الكتب، وعقول الشيعة، ولفتحت صفحة جديدة، ولعم الخير على جميع المسلمين .

تضعيف الحديث لمخالفته للقياس الجلي:
إذا خالف الحديث القياس فلا يجوز أن يرد الخبر، أو يضعف أو يترك العمل به؛ لأننا مأمورون بالرجوع إلى الكتاب والسنة، والتحاكم إليهما.
وقد ذهب بعض أهل الرأي إلى أن ما وافق القياس الجلي يجوز أن يعزى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان لا سند له .
وذهب بعض المالكية إلى عدم جواز العمل بالخبر إذا كان القياس مخالفاً له.
قال الخطيب: وأما إذا ورد مخالفاً للقياس أو انفرد الواحد برواية، ما تعم به البلوى لم يردّ، وقال قوم ممن ينتحل مذهب مالك بن أنس إذا كان مخالفاً للقياس لم يجز العمل به، والقياس مقدم عليه .
واختار ابن الحاجب أن العلة إن كانت ثابتة بنص راجح على الخبر، سواء كان ذلك النص قطعياً أو ظنياً ووجودها في الفرع قطعياً فالقياس مقدم.
وإن كان وجود العلة في الفرع ظنياً فالتوقف، وإن لم تكن العلة ثابتة بنص راجح على الخبر فالخبر مقدم .
وقد أوضح الخطيب وجوب تقديم الخبر على القياس بأمور ملخصها كما يأتي:
1- حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت بنفسه لا بعمل غيره بعده.
2- الخبر يدل على قصد صاحب الشريعة بصريحه، والقياس يدل على ذلك بالاستدلال، والتصريح أقوى فوجب أن يكون التقديم أولى.
3- القياس يفتقر إلى الاجتهاد في موضعين:
أحداهما: ثبوت العلة في الأصل.
والثاني: الحكم في الفرع، لأن من الناس من قال إذا ثبت العلة في الأصل لا يجب الحكم بها في الفرع إلا أن يحصل الأمر بالقياس.
والاجتهاد في خبر الواحد إنما هو في ثبوت صدق الراوي، فإذا ثبت صدقه من طريق يوجب الظن لزم المصير إلى خبره، ولم يبق موضع آخر يحتاج إلى الاجتهاد فيه.
4- ثبوت صدق الراوي في الظاهر أجلى من طريق ثبوت العلة .
وهذا هو الذي يتعين القول به، وأن الحديث إذا ثبت بحسب قواعد المحدثين المعروفة فلا محيد عن تصحيحه، ووجوب العمل به.
قال الشافعي رحمه الله: لا يحل القياس والخبر موجود .
قال الشيخ ناصر الدين الألباني: إن رد الحديث الصحيح لقياس أو غيره من القواعد مثل رده بمخالفة أهل المدينة له، لهو مخالفة صريحة لتلك الآيات والأحاديث القاضية بوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة عند الاختلاف والتنازع. ومما لا شك فيه عند أهل العلم أن رد الحديث لمثل ما ذكرنا من القواعد ليس مما اتفق عليه أهل العلم كلهم، بل إن جماهير العلماء يخالفون تلك القواعد ويقدمون عليها الحديث الصحيح اتباعاً للكتاب والسنة .
وكيف نكون مأمورين عند التنازع والاختلاف بالرجوع إلى أمر متنازع فيه، غير متفق عليه؟
وكذلك إذا وافق الحديث الضعيف أو ما لا أصل له القياس فإنه لا يحكم بصحته لموافقته القياس.

تضعيف الحديث إذا وقع واحداً فيما تعم به البلوى:
قال ابن الحاجب في مختصره: خبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبول عند الأكثر خلافاً لبعض الحنفية.
وقال شارحه شمس الدين الأصفهاني (م749هـ): إذا وقع خبر الواحد فيما تعم به البلوى أي فيما يحتاج إليه عموم الناس من غير أن يكون مخصوصاً بواحد دون آخر فهو مقبول عند الأكثر خلافاً لبعض الحنفية، وحجة الأكثر أن الأئمة أجمعوا على قبول خبر الواحد في تفاصيل الصلاة.
وأيضاً جاز قبول القياس فيما تعم به البلوى، والقياس أضعف من خبر الواحد .
وأما القول بأنه إذا عمت البلوى كثر السؤال، وإذا كثر السؤال كثر الجواب، ويكون النقل على حسب البيان، فإذا نقل خاصاً علم أنه لا أصل له.
فالجواب عنه من وجوه:
1- لا يجب أن يكون النقل على حسب البيان، لأن الصحابة كانت دواعيهم مختلفة، وكان بعضهم لا يرى الرواية، ويؤثر عليها الاشتغال بالجهاد.
قال السائب بن يزيد: صحبت سعد بن أبي وقاص من المدينة إلى مكة فلم أسمعه يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً، ورُوي: إلا حديثاً، حتى رجع .
2- يجوز أن يُتعبد الله تعالى فيما تعم به
hicham
hicham

مسؤول ادارة المنتدى
مصمم خاص للمنتدى

أصول التصحيح والتضعيف 3dflag11
عدد المساهمات : 728
نقاط : 10432
تاريخ التسجيل : 25/01/2009
الموقع : www.alokab.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى